الصنف:
الحاج حسين أحمد هلال
1895 – 1939 م .
روايــة ربحي حسين هلال
المقدمة
يتكشف لنا كلما توغلنا في روضة التربية الفلسطينية , اننا ننهض بعمل جليل , وأن السجل حافل بأعلام المربين ومن هم في عدادهم , ممن نعرف , ومن لم نكن نعرف , وأن عدتهم تفوق في نسبتها , وجهودهم في انتشارها وتنوعها مايناظرهما عند غيرهم , سواء على المستوى الوطني أم على المستوى القومي .
وقد هب للمشاركة في عملية المسح نفر من الطلبة صالحون , فراحوا يبحثون وينقبون , ويميطون اللثام عن كثير من الفرسان , ممن نطمح الى التعريف بهم وقد كانوا أغنياء عن التعريف من قبل لولا تعاقب الأحداث المذهلة , وتوالي الظروف القاهرة .
وفي هذا الكتاب نستضيف شاعراً جاهلياً , وسياسياً مناضلاً , ووجهاً اجتماعياً , هدانا اليه مشكوراً الباحث محمد كامل الحسن , ويقدمه لنا ابنه المربي الفاضل ربحي هلال ( أربى على السبعين ) الذي رافق والده في جل مناشطه , فهو يروي عنه شعره وأخباره , ويحدث عنه حديث الحاضر والظل الملازم , أجل ... في هذا الكتاب سنلقي الضوء على أبرز ما حفلت به حياة حسين أحمد هلال نستقرىء بذلك صفحة من كتاب الزمن , ونستعرض سجلاً مترعاً بالتجارب بالرغم من أن الرجل لم يعمر طويلاً .
ونأمل أن يكون فيه ما يكفي لإنجاز هذا الغرض .
والله من وراء القصد
أ.د. يحيى جبر
تمهيد
مدينة قلقيلية :
تقع مدينة قلقيلية بين السهل الساحلي ومدينة نابلس . وتبعد عن نابلس غرباً مسافة ثلاثين كيلومتراً , وعن شرق البحر الأبيض المتوسط مسافة ثلاثة عشر كيلو متراً , وتحيط بها السهول من ثلاث جهات : الجنوبية والغربية والشمالية , أما من جهة الشرق فسلسلة جبال نابلس , وغير بعيد منها تمتد رمال السهل الساحلي ذهبية اللون تعانق شطآن البحر الأبيض وأمواجه . وقد وصفها الشاعر الأديب المرحوم سيف الدين زيد الكيلاني في قصيدته " الحنين الى الوطن " عام 1945 م حين كان مديراً لمدرسة قلقيلية الأميرية في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين , وصف ذلك السهل الجميل بقوله :
ورمالٌ كالتبر تنساب نشوى من عناق الأمواج والشطئان
كانت قلقيلية منذ مئات السنين قرية صغيرة تحيط مساكنها ببئر ماء قديمة , ومسجد قديم سمي بالمسجد العمري , وكانت تتبع إدارياً لجلجولية في القرن الثامن والتاسع الهجريين . استناداً لما ذكره صاحب >> الانس الجليل بتاريخ القدس والخليل << ص 181 وما بعدها . كما يحدثنا في ص 362 عن >> الفقيه العدل خير الدين أحمد بن شهاب الدين أحمد بن شمس الدين محمد القلقيلي الحنفي انه كان يحفظ القرآن وانه باشر عقود الأنكحة << .
ويحدثنا الامام الجليل قاضي القضاة مجير الدين الحنبلي في كتابه أيضاً ص 181 – 182 جزء 2 , عن العالم شمس الدين القلقيلي بقوله : >> هو الشيخ الامام العالم المحدث شمس الدين محمد بن ابراهيم بن مفلح القلقيلي , قارىء الحديث الشريف ببيت المقدس نسبة لقرية >> قُلَيْقِلَة << من اعمال جلجوليا , ولد سنة 776 هـ وكان شيخاً صالحاً فاضلا كثير العبادة عليه أنس كبير , يقرىء الاطفال بجلجوليا .
قصد بيت المقدس في حدود سنة 805 هـ . وانتمى الى الشيخ برهان الدين بن
له ولد اسمه شهاب الدين أحمد . وكان ناظماً كاتباً . من نظمه يخاطب شهاب الدين أحمد بموقع الأمير جاني بك دوادار الملك الأشرف :
ياشهاباً رقى العلا لا تخن قط صاحبك
زادك الله رفعـة ورعى الله جانبـك
وقد رثى ولده أحمد بقوله :
شيئان لو بكت السماء عليهما عيناي حتى يؤذنا بذهــابِ
لم يبلغا المِعْشار من عشريهما فقد الشباب وفرقة الاصحاب
توفي الشيخ شمس الدين في يوم الثلاثاء ثالث عشرين من شعبان بقلعة الاستسقاء . ( عن الانس الجليل باختصار ) . وهكذا نرى ان الاسم الاصلي للبلد هو " قليقلة " ثم تحول مع مرور الزمن الى " قلقيلة " ثم الى " قلقيلية " .
وفي عام 1812 م هبط الى هذا المكان أجداد العشائر التالية : زيد , نزال , داوود , شريم , قادمين من " باقة الحطب " من أعمال نابلس , بعد أن مكثوا فترة من الزمن في طيرة بني مصعب . ثم انتقلوا الى موقع صوفين , وهو تلة شرقي قلقيلية حيث بنوا فيها مساكنهم على أنقاض آثارها التاريخية القديمة . ثم هبطوا الى قلقيلية في مطلع القرن الماضي وسكنوا فيها .
هذا , وانه ليصعب علينا كثيراً أن نعرف تاريخ نشأة البلد معرفة صحيحة ودقيقة , بالرغم من المحاولات الكثيرة التي قام بها بعض الباحثين , والمقولات التي تنقصها الأدلة والحقائق التاريخية .
أما نحن فنقول إن المعمرين ومن سبقهم من ذوي الخبرة والعلم والمعرفة يقولون أنها كانت مرتعاً للحيوانات بسبب وجودها في طريق القوافل , وَوُجود بئر ماء عذب , كانت يؤمها الرعاة بمواشيهم ودوابهم طلباً للنجعة والسقيا . وكان يقطنها عدد قليل من الناس يشتغلون بالزراعة وتربية الماشية . وتتمركز مساكنهم حول مسجدها القديم .
ظلت قلقيلية تتقدم وتتطور , وترقى مصاعد النهضة والازدهار . وفي عام 1931م قامت سلطة الانتداب البريطاني على فلسطين باحصاء عام فبلغ عدد سكان قلقيلية حينذاك 3400 نسمة . وفي عام 1948م قصدتها اعداد كبيرة من الاجئين الفلسطينيين من القرى السهلية مثل : " عشائر أبي كشك القاطنة حول نهر العوجا " ومن قرى حرم سيدنا علي بن عليل على ساحل البحر الأبيض , ومن اجليل والخيرية وبيار عدس وكفر سابا ومسكة وغيرها , استوطنوا فيها , وتعايشوا مع أهلها . وفي أعقاب حرب 1967م تقاطرت عليها مجموعات من الناس من شتى الجهات للعمل والتجارة , حتى بلغ عدد سكانها اليوم حوالي ( 45 ) ألف نسمة تقريباً .
عشيرة زيد – لمحة سريعة :
ينحدر " حسين هلال " من عائلة " هلال " وهي من صميم عشيرة زيد التي هي فرع أصيل من عشيرة آل كريشان أو الكراشين القاطنة في مدينة معان في الجنوب الأردني . يقول سمير القطب في " أنساب العرب " ط 2 بيروت 389هـ - 1969 م ص 207- 208 ومابعدها " إن ممن ينحدرون من قبيلة قحطان الشهيرة آل عاصم الذين ينقسمون الى عشيرتين آل طريف ومنهم آل حشر أمراء الهياثم في قرى الخرج وآل رزق ومنهم آل كريشان" . ومنذ مائتي عام هاجر جد العشيرة وأهله وأبنائه الى جبال نابلس حيث حطوا الرحال في قرية " باقة الحطب " .
ومكثوا فترة من الزمن . ثم هاجروا مع أجداد الحمائل الثلاث نزال , داوود , شريم الى طيرة بني مصعب وغدوا عشيرة كبيرة ( ظهر منها الحاج ابراهيم , خليل محمد قاسم , رئيساً سابقاً لبلدية الطيرة . وبعد مكوثهم في صوفين مع الحمائل الثلاث المذكورة فترة من الزمن نزلوا معا الى موقغ قلقيلية الحالي .
ومكثوا فترة من الزمن . ثم هاجروا مع أجداد الحمائل الثلاث نزال , داوود , شريم الى طيرة بني مصعب وغدوا عشيرة كبيرة ( ظهر منها الحاج ابراهيم , خليل محمد قاسم , رئيساً سابقاً لبلدية الطيرة . وبعد مكوثهم في صوفين مع الحمائل الثلاث المذكورة فترة من الزمن نزلوا معا الى موقغ قلقيلية الحالي .
ومن طريف ماذكره لنا السابقون عن مجىء وفد من الكراشين في منتصف القرن الماضي الى قلقيلية وأنهم قاموا بزيارة أقاربهم آل زيد يسألونهم مصير حصصهم من الأرض المشاع في منطقة معان , فأشاروا عليهم بأن توزع على الجميع .
ومما يحسن ذكره انتصار أهالي مدينة معان لفلسطين في ثورة 1936م : يقول أكرم زعيتر في كتابه >> الحركة الوطنية الفلسطينية << ( يوميات أكرم زعيتر 1935 – 1939 م , ص 189 ؛ 23/9/1936م : تظاهرات التأييد لفلسطين في شرقي الأردن تتوالى , وكان تظاهرة معان من أعنفها ) . في عام 1942م كان الحاج محمد حسن السمان زيد عائداً من الحج بقوافل الابل , فمر بمدينة معان وحل ضيفا على محمود باشا كريشان فاكرمه , وسلمه رسالة الى الحاج سعيد يوسف هلال وعشيرته زيد فرد عليه برسالة شكر جوابية , ودعاه فيها لزيارتهم في قلقيلية .
وفي أوائل أربعينات هذا القرن قام وفد مؤلف من محمود باشا كريشان عميد الكراشين وعضو المجلس التشريعي الأردني , وصديقه حامد باشا الشراري عميد آل خطاب . ورئيس بلدية معان بزيارة الى عشيرة زيد في قلقيلية فاستقبلوا استقبالاً حاراً حافلا ً . ثم قاموا بزيارة أخرى في نهاية صيف 1945م .
ورداً على هاتين الزيارتين قام وفد من وجهاء آل زيد بزيارة لمعان في ايلول 1946م بالسيارة عن طريق يافا – القدس – عمان . ثم ركبوا في قطار الخط الحديدي الحجازي . فوصلوها في أصيل ذلك اليوم . فاستقبلوا هناك محطة سكة الحديد بحفاوة بالغة .
ويحدثنا ربحي حسين هلال أحد أعضاء الوفد , انهم ركبوا السيارات من المحطة الى دار الضيافة التي هي دار محمود باشا كريشان . وكان الموكب جميلاً وسارت على جانبيه الخيول العربية الأصيلة على ظهورها فرسانها الأبطال .
وظلت الاتصالات متواصلة بين الكراشين وآل زيد وهاك صوراً لبعض نصوص برقيات :
معان 1/4/1946م تلغراف
السادة سعيد هلال وآل زيد الكرام – قلقيلية
" نشكركم على تهانيكم الرقيقة . ونرجو الله أن يحقق لبلادكم العزيزة ماحقق لنا على يد ابن الرسول الأعظم".
التوقيع : محمود كريشان .
- وصورة لبرقية مماثلة من حامد باشا الشراري رئيس بلدية معان .
- وأخرى مماثلة مرسلة للسيد توفيق عبدالله عبدالحافظ أحد وجهاء آل زيد .
- نص برقية .
عميد آل زيد سعيد هلال – قلقيلية .
" أشكركم . صحة قاسم جيدة " .
( ملحوظة : انظر صورة البرقيات المرفقة ) .
حيرة وألم
من المؤسف أن كثيراً من الوثائق التي يمكن أن تسعفنا في الكتابة عن شخصية حسين هلال قد ضاع , وذلك بسبب الأحداث التي تعاقبت على مدينة قلقيلية , ابتداء من ثورة عام 1936م وما صاحبها من فظائع الأنجليز. ومروراً باحداث حربي 1948 , 1067م . هذه الأحداث الدامية التي عصفت بالبلاد , وذهبت بكثير من الوثائق النفسية النادرة وخاصة وعامة , ومن جملتها وثائق صاحبنا . وقد حدثنا نجل الفقيد أنه كان قد اطلع عليها كلها , غبر أنه لم يبق منها الا نتف قليلة لا تبل الصدى , ولا تسعف الباحث بما يشفي .
وقد كانت كتابة السير أو الأبحاث والسير التاريخية تعتمد في العصور الماضية على المشاهدة أو الرواية والسماع والنقل . أما اليوم فقد تغير الحال , وأصبحت الكتابة تعتمد على التوثيق المسجل , وعلى طريق المشاهدة والرواية من السنة المعمرين الثقاة المطلعين ؛ من أهل العشيرة والمقربين , والأباعد العالمين الصادقين .
فماذا نعمل حين نرى أن أكثر تلك الوثائق قد ضاعت أو تلفت وعبثت بها أيدي الزمان . أنقفل الفكر ونحبس الذاكرة , أم نطفئ جذوة الذهن , ونربط اللسان . أم نمسك القلم عن صريره , ونضرب به عرض الحائط , فيضيع بذلك ذكر شخصيات كانت في زمانها لامعة متألقة في سماء وطنها الحبيب . وتمحى آثارهم الجليلة فلا تكتب في قرطاس , وهم الرجال الذين أسسوا وبنوا وشادوا , وافنوا زهرة عمرهم , وشرخ شبابهم في نضال مرير شريف من أجل مجتمعهم ووطنهم المقدس .
وهل نتركهم لتبقى ذكراهم على الألسن فقط يتناقلها الخلف عن السلف في الدوواين والندوات والمجالس وأماكن السكنى , كما نتحدث اليوم , ونتذاكر الماضي الذي ورثناه , والحاضر الدامي الذي نعيشه ؟؟ كلا . لن نترك القلم وما علينا الاّ ان نجدّ ونستقصي ونبحث عن الحقيقة والصواب في حياة أمثال تلك الشخصيات الكريمة . كصاحبنا الذي نحن بصدده , وان نستعين بمعمرين عرفوا بالصدق والدقة والفطنة , وهم قلة نادرة في ايامنا الحاضرة فنأخذ عنهم من الندى قطرات رطيبة .
واننا لنستميح القارئ الكريم , والناقد الفاضل عذراً اذ اضطررنا الى القول إننا لا نسوق الكلام عن تعصب أعمى , أو هوى ضال , ابتغاء سمعة كاذبة , أو مجد زائف , أو مدح رخيص . فالله سبحانه يشهد , بأنا لا نقول الا حقاً , ولا ننطق الا عدلاً . وإنا لنسمو عن الباطل , بهدي من الله وتوفيقه . ونسير على هذا المنهج السليم القويم في مختلف ادوار حياتنا .
أحمد هلال والد الفقيد :
والده هو المرحوم أحمد هلال شيخ عشيرة زيد في قلقيلية وأحد شيوخ القرى والبلدان والعشائر البارزين في زمانه . و " المستنطِق " في طولكرم في العهد العثماني عام 1907م . وكانت وظيفة المستنطق هذه تستند الى كبار شيوخ القرى البارزين الذين عرفوا باللباقة والعلم والمعرفة والذكاء . وسعة النفوذ العشائري . الى جانب فصاحة في اللسان , وثبات في القلب والجنان , مع سخاء الكف , ومضاء السيف , وهذه الصفات كما حدثنا المعمرون الذين عرفوه , كان يتمتع بها الشيخ أحمد هلال . واستمر مستنطقنا في عمله سنتين استقال بعدهما . ووظيفة المستنطق كما حدثنا المعمرون العارفون هي النظر والتحقيق والفصل في الحقوق والقضايا والخلافات الفردية والعشائرية حسب الأنظمة العثمانية في ذلك العهد . وفي عام 1916 توفي فجأة بعد أن توضأ وهو على السجادة يتأهب لصلاة المغرب – رحمه الله - .
حسين أحمد هلال
هو حسين بن أحمد بن حمد بن هلال بن أحمد العتيق بن زيد آل كريشان من أهل مدينة معان . وهو من عائلة هلال احدى العائلات العريقة من عشيرة زيد التي تقطن حاليا في قلقيلية , والتي خرج قسم منها بسبب الأحداث الخطيرة التي اجتاحت فلسطين عام 1948م , وعام 1967م وسكن في الأردن وفي الجزيرة العربية .
ولد الفقيد في بلدة قلقيلية في عام 1895 م , وفي ظل والده نما وترعرع في بحبوحة من العيش الكريم , وتلقى علومه الأولى في مسجدها العمري القديم طبقا لمناهج التعليم البسيطة , واساليب التدريس التي كانت متبعة في الكتاتيب في ذلك الزمان , وتتلمذ على الشيخ الفقيه محمد العورتاني وأخذ عنه دروساً في اللغة العربية والقرآن الكريم والتفسير والسيرة النبوية الشريفة . عرض عليه أبوه الالتحاق بالمدارس والجامعات العثمانية في الآستانة , عاصمة الخلافة الاسلامية , ولكنه امتنع مكتفياً بدراسة خاصة في الكتب القديمة في العربية والدين والشعر والادب والتاريخ والاجتماع .
ولما اندلع لهيب الحرب العالمية الأولى عام 1914م التحق بالعسكرية العثمانية كما التحق بها ابراهيم صالح هلال , وعبدالرحيم السبع . وهما أصغر منه سناً . واتفق أن عسكر جميعهم مع الجند العثماني المرابط في وادي الصرار في القدس الشريف .
ومما يجدر ذكره أن أخوي الفقيد : " محمد " وهو الأكبر و " أمين " وهو الأصغر قد أصابتهما قذيفة انطلقت من مدفع انجليزي ضخم كان منصوباً في شمال مدينة يافا مع القوات البريطانية الزاحفة عام 1917م, وان القذيفة انفجرت في ساحة دارهم بقلقيلية , فاستشهد الأخوان , وأصيبت عدة نسوة بجراح .
رئاسة مجلس قلقيلية المحلي :
وبعد أن وضعت الحرب العالمية أوزارها , وتم للانكليز احتلال فلسطين من العثمانيين تشكلت في فلسطين ادارة عسكرية ثم مدنية لادارة شئون البلاد . وعينت السلطة الحاكمة الشيخ محمداً القلقيلي رئيساً للمجلس المحلي فمكث سنتين أو أكثر , ولكن العشائر الاربع زيد , شريم , نزال , داوود , طلبت من الحكومة انهاء عمله بالاجماع الكامل , واتفقوا في مابينهم ان يتولى الرئاسة مكانه السيد حسين هلال , وعلى أن تكون الرئاسة دورية كل سنتين . فمكث حسين هلال في رئاسة المجلس المحلي سنتين بموجب الاتفاق العشائري : وهما سنة 1922م و سنة 1923م 25/8/1937هـ بتاريخ 25/8/1927م ومكث رئيساً حتى وفاته عام 1938م . وكان الحاج نمر رجلاً صالحاً تقياً محباص للخير والبر والاحسان . وبعده تولى الرئاسة شقيقة عبدالرحيم السبع سنة 1939م وظل فيها حتى حتى وفاته عام 1957م .
ومما يؤسف له أشد الأسف ان سجلات المجلس المحلي التي كانت في عهد الرئيسين الأول محمد القلقيلي , والثاني حسين هلال قد أتت عليهما النار إثر حريق شب في المجلس المحلي آنذاك كما تلاخظ وتقرأ في صورة لسجل المجلس , مع صور الوثائق المرفقة , لبعض الجلسات بخط كاتب المجلس محمد أمين عنابة : ( سجل قرارات المجلس المحلي بعد حرق المجلس – من تاريخ 14/12/ 25 هـ – 31/3/1951م ) .
وقد سبب هذا الحريق خسارة تاريخية وأثرية فادحة للمجلس المحلي وللاهالي على حدٍ سواء .
ومما نلاحظه في الصور المرفقة لبعض قرارات المجلس أن حسين هلال لم يخرج من عضوية المجلس بعد انتهاء رئاسته , وأن له في الجلسات والقرارات توقيعات . وإن اسمه كان يرد في أول محاضر الجلسات , وأن توقيعه يظهر بجانب توقيع الرئيس بالرغم من أنه أصغر زملائه سناً . ويظهر كذلك أنه كان لعشيرة زيد عضوان يمثلانها في المجلس هما سعيد هلال والفقيد , أو كايد هلال والفقيد .
ومما يجدر ذكره أن الرئيس الحاج نمر السبع رئيس المجلس المحلي كان يقدم الفقيد حسين هلال امام كبار الزائرين الحكوميين للبلد كالمندوب السامي وحاكم اللواء او مساعده , ليتحدث اليهم ويشرح لهم قضايا البلد وقضايا الأمة , وكذلك بالنسبة للزائرين من الهيئات الوطنية من فلسطين أو خارجها , وذلك ثقة به ولما وهبه الله من رجاحة عقل وفصاحة لسان . فكان يتحدث اليهم بعبارات رصينة واضحة , وقدرة فائقة في العرض والتعبير , حتى غدا الناطق الرسمي لبلده في ذلك الزمان .
نشاطه السياسي :
كان للمرحوم حسين هلال نشاط سياسي فعّال في مجالات كثيرة , فقد مثل قلقيلية مع الشيخ عبدالله القلقيلي في مؤتمر نابلس , اذ يحدثنا المؤرخ الفلسطيني الكبير الاستاذ العلّامة اكرم زعيتر – أمدّ الله في عمره – في كتابه " وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية 1918 /1939م " ( فقرة 175 ص 358 -360 / ط / بيروت 1979 م , اعداد بيان نويهض الحوت ) يحدثنا فيقول تحت عنوان : وثائق مؤتمر نابلس للتسليح ومقرراته , محضر مؤتمر نابلس لمعالجة قضية تسلح اليهود المنعقد يوم الجمعة في1/ آب 1931م , 15 ربيع الأول 1354هـ ؛ بحضور وفد من انحاء فليسطين في قاعة الجمعية العربية الوطنية وهم السادة :
- مندوبو القدس : عوني عبدالهادي – عبدالقادر المظفر – ابراهيم درويش – اسحق دويش –الخطيب منيف الحسيني
- مندوبو حيفا : عبدالرحمن الحاح – الحاج خليل طه – الشيخ يونس الخطيب – أحمد الامام .
- مندوبو يافا : كامل الدجاني – على الدباغ – حمدي النابلسي – أحمد الكيالي .
- مندوبو جنين : فهمي العبوشي – فضل الطاهر – فريد ارشيد – فؤاد عبدالهادي – محمد المسعود جرار.
- مندوبو طولكرم : علي الصالح – هاشم الجيوسي – عبدالله السمارة – طاهر حنون .
- مندوبو الرملة : نمر المصري – محمد علي الغُصين .
- مندوبو اللد : حسين حسونة – ابراهيم حمزة – يوسف دهمش .
- مندوبو الخيل : الشيخ صبري عابدين – رشاد الخطيب .
- مندوبو قلقيلية : الشيخ عبدالله القلقيلي – حسين هلال .
- مندوبو غزة : عبدالرحمن الفرا – إبراهيم الخطيب – عثمان عبدالله حمدي الحسيني .
- مندوبو رام الله : الدكتور سليم سلامة .
- مندوبو بيسان : فريد فخر الدين .
- مندوبو نابلس : عزة دروزة – اكرم زعيتر – واصف كمال – الدكتور صدقي ملحس – عبدالحميد السائح – راشد أبو غزالة – أحمد الشكعة – عبدالرحيم النابلسي – حلمي الفياتي – الدكتور قاسم ملحس – محمد علي دروزة – قدري طوقان – جمال القاسم – عادل كنعان – طاهر المصري – حكمت المصري .
وأبرق بالتأييد والموافقة السادة : جمال الحسيني ( القدس ) , جورج معمر ( الناصرة )رمزي عامر ( حيفا ) , خليل فضة ( عكا ) , وانتخب المؤتمر فمهي العبوشي رئيساً , والسيدين : أكرم زعيتر وكامل الدجاني سكرتيرين .
انتهت اسماء المؤتمرين كما ذكرها الاستاذ اكرم زعيتر . ونحن هنا يطول بنا الحديث عن تفاصيل مادار في المؤتمر من مناقشات . فتركنا قراءة التفاصيل لمن أراد المزيد في الكتاب المذكور . ونقول : جرت مناقشات من قبل الأعضاء عن أحوال البلاد ووجوب مواجهة الموقف الخطير , ثم اتخذت عدة قرارات حول العمل على تسليح عرب فلسطين قبل أن تباغتهم الاحداث , وتداهمهم الكوارث والخطوب , لأن الحكومة الانكليزية تسلح اليهود في مختلف انحاء البلاد .
وننقل هنا قرارين من بين القرارات المتخذة :
1- قبول اقتراح عوني عبدالهادي " اذا أصرت الحكومة على تسليح اليهود يعهد الى اللجنة التنفيذية التي سينتخبها هذا المؤتمر ان تتصرف في الامر بما تراه نافعا في دفع الخطر عن الأمة " .
2- وتقرر قبول اقتراح هاشم الجيوسي , وهذا نصه : " نشر بيان على العالم الاسلامي بملوكه وامرائه نبين فيه الاخطار المحدقة بالبلاد المقدسة من جراء تسلح المستعمرات اليهودية " .
وبعد فهذا تلخيص وجيز . ومن أراد التفصيل فليرجع الى الكتاب الآنف الذكر , وليرجع كذلك الى كتاب : " القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917م – 1948م اعداد المؤرخة الكبيرة بيان نويهض الحوت / ط 3 – بيروت 1986م تحت عنوان : " مؤتمر التسليح في نابلس ص 253 بالتفصيل أما اسماء اعضاء المؤتمر فقد ذكرته في مكان آخر من الكتاب في الصفحة 874 – 875 – الجدول رقم 30 – تحت عنوان : " اعضاء مؤتمر التسليح في نابلس 1931م . عقد المؤتمر في 31 /تموز – يوليو 1931م .
وتذكر فيه مندوبي قلقيلية وهما : الشيخ عبدالله القلقيلي وحسين هلال " .
وهكذا نرى ما لصاحبنا من المكانة الرفيعة والكلمة النافذة في بلده وبين أبناء امته ووطنه الذي أحبه حباً عارماً وصادقاً , دون انتماء لحزب أو زعيم .
اشترك الفقيد في الحركات الوطنية , حدثنا الحاج علي محمد برهم من وجهاء عشيرة زيد اليوم عمره يزيد عن الثمانين – حدثنا انه في سنة 1935م بينما كان في مدينة يافا مع رهط من زملائه كشافة اسامة القلقيلية وكان أميناً للصندوق – اذ التقوا هناك بالسيد حسين هلال والمحامي عبداللطيف بك صلاح , وطلبا الينا مرافقتهما الى مدينة الرملة لحضور الاجتماع الوطني الذي سيعقد في جمعية الشبان المسلمين . وذهبنا معهما وحضرنا الاجتماع الذي ضم نخبة فاضلة من رجالات فلسطين وبعد الانتهاء تناول الحضور طعام الغداء بدعوة من الحاج يعقوب الغصين سكرتير مؤتمر الشباب .
ويذكر لنا العلامة اكرم زعيتر في كتابه : " الحركة الوطنية الفلسطينية " " يوميات اكرم زعيتر " : من 1935م – 1939م مؤسسة الدراسات الفلسطينية – ط / بيروت 1980م : يحدثنا بالتفصيل عن مؤتمر عقدته الاحزاب الفلسطينية في القدس عام 1935م حول قضية فلسطين ومااتخذ فيه من قرارات ضعيفة متخاذلة . وأنه رداً على ذلك فقد عقد مؤتمر وطني كبير في مدينة نابلس , وذكر لنا أيضا نصوصا لبرقيات التأييد لمؤتمر نابلس من مختلف البلدان الفلسطينية . ومن بينها برقيتان من قلقيلية هذا نصهما :
من قلقيلية : " اكرم زعيتر – نابلس
غاية وطنهم حب الكراسي , وممالأة السلطة . سنضرب الاربعاء . الى الأمام . " كامل هلال . محمد السبع " .
- ملاحظة : راجع النص في الصفحة ( 20 ) من الكتاب المذكور – ثم يذكر لنا المؤلف في الصفحة ( 21 ) مايلي :
قلقيلية : " أكرم زعيتر – نابلس
قرار نابلس صون لكرامتنا الوطنية , قلقيلية تنفض يدها من القرار الهزيل الصادر عن أشباه الأحزاب المؤتلفة .
تقدموا مجاهدين باسم الله والوطن . نؤيدكم .
التوقيع : حسين هلال . بكر المصطفى . عبدالغافر اجبارة . حسن أحمد حسن " .
برقية قلقيلية : وفي الصفحة الخامسة والعشرين من الكتاب المذكور : " أصبح البوليس بقيادة الضابط اشكنتنا يستعمل الشدة في سحق الشباب , وضرب وتشريد الصغار . نحتج بشدة صارمة . التوقيع : حسين هلال . محمد السبع . امين النصر . ابراهيم الشنطي . كامل هلال . محمد احمد علي . محمود حسين برهم " فأجبتهم : ( نحييكم لا تهنوا . لقلقيلية الفخر بما أصابها ) .
أكرم زعيتر
ويقول الاستاذ أكرم زعيتر في ص 26 واوائل ص 27 من كتابه " الحركة الوطنية الفلسطينية " يوميات أكرم زعيتر مايلي :
" اتصلت تلفونياً بقلقيلية لأفهم حكاية الضرب والاضطهاد فقيل لي : ان الضابط اشكنتنا خرج مع نفر من البوليس بالعصي الغليظة يضربون الاطفال والطلاب ويسجنون البعض من الشباب المتحمس وهم : محمد السبع , وكامل هلال , وابراهيم الشنطي , وطلب منهم كفالة فرفضوا , واخيرا أفرج عنهم بتأثير ضغط الجماهير " – انتهى كلام زعيتر .
واننا نضيف الى ماذكره المؤرخ الكبير فنقول : حدثنا الاستاذ ربحي حسين هلال , وقد كان في تلك الفترة طالباً في الصف السادس الابتدائي وهو اليوم في الحادية والسبعين من العمر – حدثنا قائلاً : ان الضابط المذكور قام بعد ذلك بأيام باعتقال كمال حسن هلال أمام بناية السراي القديمة , وجرى تقديمه للمحاكمة امام المستر هيوفوت حاكم لواء نابلس ( وقد استبدل اسمه باللورد كارادون صاحب قرار مجلس الأمن الدولي 242 بشأن قضية فلسطين وأراضي الدول العربية المحتلة إثر حرب حزيران عام 1967م التي جرت بين العرب واليهود ) . وكانت هذه المحاكمة على اثر اضطرابات ثورة فلسطين الكبرى التي اندلع لهيبها عام 1936م – وقد حكم عليه تسعة أشهر قضاها في سجن عكا . وبعد خروجه من السجن بمدة نشرت له جريدة " الدفاع " اليافية مقالاً بعنوان " نقدات سجين " وقد ضاعت الجريدة مع احداث الماضي التي أصابت الناس , في تلك الظروف الحوالك .
تشكيل اللجان القومية عام 1936م
يتحدث المؤرخ الكبير الاستاذ اكرم زعيتر في كتابه : " الحركة الوطنية الفلسطينية من 1935م – 1939م – يوميات اكرم زعيتر " ص 67 ومابعدها – يتحدث عن برقيات التأييد الواردة اليه , والى اللجنة القومية التي تشكلت في مدينة نابلس , وردت اليه من شتى البلدان الفلسطينية . ومنها برقية عن تشكيل اللجنة القومية في قلقيلية , هذا نصها :
ص 68 : " من قلقيلية : اللجنة مؤلفة من عشرة أشخاص للقيام بالواجب " . انتهى كلام المؤلف .
نضيف الى ذلك حسب معلوماتنا التي أخذناها عن المطلعين والعارفين القدامى , ان اللجنة القومية في قلقيلية كانت مؤلفة على النحو التالي : حسين هلال سكرتير.والسادة التالية اسماؤهم اعضاء : ابراهيم صالح هلال , عبدالله المصلح , عزت ناصر القزّوح - ابراهيم طه زهران , احمد محمد عبدالرحمن , عبدالفتاح المحمود , سعيد احمد الحسن , عبدالغافر جبارة , ابراهيم الشنطي .
اسباب تشكيل اللجان القومية :
جرى تشكيل اللجان القومية في البلاد لمساندة اللجنة العربية العليا لفلسطين , وقد تألفت اللجنة العليا من سماحة الحاج محمد أمين الحسيني المفتي الاكبر ورئيس المجلس الاسلامي الاعلى رئيساً . وعضوية رؤساء الاحزاب وبعض المستقلين , من أجل مواجهة الموقف الخطير في فلسطين , وادارة حركات الاضراب العام الشامل والثورة الفلسطينية التي اشتعلت عام 1936 م ضد الحكم البريطاني الجائر والمطامع الصهيونية . ودامت هذه اللجان حتى صيف 1939م وانتهت باتهاء الثورة.
دور سكرتير اللجنة القومية في قلقيلية حسين هلال :
كانت اللجنة القومية تعقد جلساتها في دار المجلس المحلي . وكان الحاج نمر السبع يحضر احيانا جانبا من تلك الجلسات بصفته رئيس المجلس المحلي . وكانت تبحث في اجتماعاتها شؤون البلدة ومصالحها وواجباتها , وكيفية معالجة الاحداث السائدة نتيجة لنشوب ثورة 1936م والعمل على السير قدما في سبيل اذكاء روح الجهاد والكفح بين الشباب , والوقوف في وجه العمليات العسكرية البريطانية التي كانت تداهم الاهالي من تطويق وتفتيش واعتقال الى نسف وهدم وتخريب وارهاب , وترويع فظيع للسكان الآمنين . وكان حسين هلال سكرتير اللجنة يدعو ممثلي العشائر الاربع جميعهم الى التعاون والتضافر والثبات والعمل المستمر المثمر امام جبروت العسكرية البريطانية وقسوتها مهما كلف الامر من جهود وتضحيات . وكان صاحبنا حسين هلال سِنّ الرمح الردينيّ في هذا المضمار ؛ فكثيراً ما كان يأخذ على عاتقه تغذية الحركات الوطنية المسلحة وغير المسلحة بروح عالية , ونفس ماضية , فيؤسس الوحدات المقاتلة من ابناء عشيرته ومن صفوة مختارة من ابناء عشائر بلده , ومن القرى السهلية والجبلية شرقاً وغرباً . فانتقمت منه السلطات البريطانية الحاكمة , وقامت بنسف دواوين عشيرته عام 1937م بالديناميت , فلم تلن عزيمته , أو تضغف معنوياته , بل كان يزداد حدّة وشدة لمواصلة الجهاد في ميدان العمل الوطني الشريف , بكل شجاعة وضراوة وتصميم .
حادثة
يقول اكرم زعيتر في ص 175 – 176 من( يومياته ) في أحداث 11/9/1936م :
" قال الحاكم البريطاني ( بطولكرم ) لوجهاء قلقيلية ومخاتيرها : اذا قطعت اسلاك التلفون وإن تدهورت قطارات على مقربة من بلدكم , او اطلق عيار ناري على معسكر الجند المرابطين في مدرستكم , حضرت الى بلدتكم , ونسفت ما أختار من بيوت المخاتير . ولما سئل عن نسف دار الشيخ محمد صلاح , أجاب أن الكلاب دلت على بيته . قلت : إن السلطة تستعين بالكلاب على قمع الثورة " – انتهى كلام زعيتر – أما أنا فأضيف أن سبب نسف دار وموتور بيارة الشيخ محمد صلاح – وهو من آل زيد أصلا وأرومة – هو نسف الثوار لقطارين على سكة الحديد غربي بيارته التي تبعد مسافة كيلومتر واحد غربي قلقيلية . وقد شاهدنا تلك المناظر في حينه .
عودة الى اللجنة في قلقيلية
لقد انبثقت عن اللجنة القومية لجنة عسكرية تابعة لها مؤلفة من السادة : ابراهيم صالح هلال , عبدالله مصلح حمدان , أحمد محمد عبدالرحمن , سعيد احمد الحسن , وهي ممثلة لحمائل قلقيلية الاربع : زيد - نزال - داوود – شريم . وظيفتها دعم اللجنة القومية وتوزيع الذخائر الحربية التي كانت تصلهم من نابلس وغيرها . وكان قسم من هذه الذخيرة يوزع بالتساوي بين الحمائل الاربع والقسم الآخر يوزع على الثائرين المخلصين الأبطال الذين هم من خارج البلدة والذين لهم مع السكرتير حسين هلال صلة قوية وثيقة . وكان ابراهيم هلال أميناً للذخيرة النارية يضعها في مكان حصين أمين ريثما يتم توزيعها بين الحمائل وغيرها .
حادثة
حدثنا أحد المعمرين فقال : وصلت الى اللجنة القومية شحنة كبيرة من الذخيرة , ووضعت في بيت ابراهيم هلال امين اللجنة العسكرية فأوجس ابراهيم خيفة وخشي أن يتسرب الخبر الى الانجليز , فأسرع بتكليف شخص من أقاربه هو ابراهيم عبدالله شناعة ( ابو قنديل ) لنقل الذخائر الى مكان خفيّ حصين فنقلها في الحال . وفي صباح اليوم التالي قامت قوة من الجيش ومعها ضابطها الانكليزي وضابط البوليس محمد اشكنتنا , بتطويق البيت , وبدأ أفرادها بعملية البحث والتدقيق والتفتيش عن الاسلحة والذخائر , ولكنهم لم يعثروا على شيء فعادوا خائبين . ولو أنهم وجدوا شيئاً من المواد العسكرية في البيت أو ساحته وأرضيته لقاموا بنسفه بموجب الاحكام العرفية العسكرية المطبقة في البلاد , وكذلك اعدام صاحب البيت ولكن الله سلّم . وبعد أيام وزعت الذخيرة بين الجميع كالمعتاد , بكل هدوء وثقة وسلام .
وكان عمل سكرتير اللجنة القومية أيضاً ان يتبادل الرسائل مع اللجنة العربية العليا , ولجنة الاسعاف العليا وبعض اللجان القومية في يافا وغيرها .
ومما يؤسف له باسى عميق بالغ ان هذه المكاتبات , ولا سيما الواردة اليه قد ضاعت نتيجة الاحداث التي عصفت بالناس . ولم يبق من آثارها الا نسخة معبأة في نموذج رسمي مطبوع باللغات الرسمية الثلاث : الانكليزية والعربية والعبرية – كان سيبعث بها الفقيد حسين هلال سكرتير اللجنة القومية في قلقيلية الى اللجنة العليا بالقدس عام 1936م . ونلاحظ ان هذه البرقية بخطه الجميل , وموقعه بتوقيعه الصريح – وقد اقتى الحال أن يطمس نص البرقية وأن يبقى العنوان , ثم التوقيع على الوجهين فقط – وهي مصورة ومرفقة مع صور بعض الوثائق التي عثر عليها سالمة .
من معالم تلك البرقية كما تشاهد صورتها :
دائرة البريد والبرق والتلفون في فلسطين 8
سكرتير اللجنة اللعيا
سكرتير اللجنة القومية بقلقيلية
- وقد حدثنا نجل الفقيد أنه هو الذي طمس نص البرقية في الصورة , حرصاً على بعض أسرار والده
صدق ومواقف :
مع الملك عبدالعزيز آل سعود "
بعد ان تم للملك عبداللعزيز آل سعود الاستيلاء على الحجاز عام 1926 م .
وتوحيده معظم الامارت في الجزيرة العربية , أحدثت هذ ه الانتصارات أصداء عظيمة في أنحاء العالم العربي والاسلامي , فرأت فيها شعوب المسلمين الأمل الآكبر , ورأت فيه البطل المأمول الذي سيقوم بالعمل على تحرير فلسطن والديار الشامية وغيرها من براثن الاستعمار . وكان صاحبنا موضوع البحث الذي نتحدث عنه في طليعة الناس الذين هبّوا نحو الملك الجديد مؤيدين وناصرين باللسان والقلم . وارسل اليه كتاب تهنئة بالملك العظيم , ومذكرا جلالته بالقضية الفلسطينية , فجاءه ردّ الملك بالبريد المسجل . وكان الجواب لطيفاً شكره فيه . وتمنى من الله تعالى ان يوفقه لخدمة الاسلام والمسلمين . وفي آخره خاتم الملك وتوقيعه . وقد ضاع الكتاب مع الأسف الشديد كما ضاع كتاب من سمو الأمير فيصل آل سعود , مع ما ضاع من الاوراق والوثائق الخاصة .
وفي شهر آب عام 1935م , قام الامير سعود بن عبدالعزيز ولي عهد المملكة العربية السعودية بزيارة الى مدينة القدس وفلسطين بدعوة من سماحة المفتي الاكبر ورئيس المجلس الاعلى الحاج امين الحسيني , فتلقى حسين هلال دعوة من لجنة الاستقبال المقدسية للاشترك في استقبال الامير والاحتفاء به في محطة سكة حديد القدس , والحرم الشريف حيث يصل الامير قادماً من القاهرة فلبى النداء وسافر الى القدس وحضر استقبال الامير هناك , نص الدعوة المرفق صورتها :
حضرة صاحب السمو
ولي عهد المملكة العربية السعودية
الامير سعود المعظم
" يزور هذه البلاد المقدسة والمسجد الاقصى المبارك فلجنة الاستقبال تدعو حضرتكم للاحتفاء بسموه واستقباله في الحرم الشريف بالقدس اليوم الاربعاء الواقع في 14/جمادى الأولى 1354هـ الموافق 14/ آب 31935يصل سموه محطة القدس ويصل الحرام الشريف حيا يستقبل استقبالًا شعبيا حوالي الساعة العاشرة " .
مع الأمير في يافا :
وفي اليوم التالي أقام الوجيه الحاج يوسف عاشور أحد الشخصيات المهمة في مدينة نابلس الى يافا حيث اقام للأمير سعود حفلة كبيرة في بيته بالعجمي احد احياء المدينة , دعا اليها نخبة من رجال المدينة والمدن الأخرى , وتلفى صاحبنا بطاقة دعوة لحضور المأدبة المذكورة , هذا نصّها كما تشاهد صورة لها مرفقة مع البحث :
" حضرة الفاضل السيد حسين أحمد هلال المحترم "
واقبلوا فائق الاحترام
يوسف عاشور
في تلك الحفلة قام صاحبنا بدعوة الامير سعود لزيارة قلقيلية فلبى الأمير الدعوة , وقام بتلك الزيارة القصيرة وكان الوقت عصراً . فاستقبل اهالي البلدة سمو الأمير استقبالا حاشداً رائعا . . وكان قد أعد للضيف سرادق كبير نصب في ظاهر البلد شمالاً بغرب . وكان يرافقه افراد الحاشية بملابسهم الصيفية , فكان الامير وحاشيته والداعي المضيف يلبسون لباساً متشابهاًوعلى الجميع العباءات البيض المقصبة . كما كان يرافق الأمير في زيارته هذه سماحة الحاج امين الحسيني المفتي الاكبر ورئيس المجلس الاسلامي الأعلى , وقد لبس سماحته جبته السوداء , وعمامته المهينة وقد بدت شخصية بهية الطلعة بوجه زاهر بسام .
وبعد ان شرب القهوة العربية الفاخرة , القى أمامه حسين هلال كلمة ترحيبية موجزة , ثم ناوله قصيدة يمدح بها الأمير ووالده الملك عبدالعزيز . ثم خرج الأمير من السرادق وعلى يمينه سماحة المفتي , وعلى يساره الداعي حسين هلال , وخلفهما رجال الحاشية , حيث ركب الضيف وصحبة السيارات متجهين الى الشمال وسط هتاف الجماهير وأناشيدهم :
يا ابن السعود يا ابن السعود والانكليز خانوا العهود
أما القصيدة التي ناولها حسين هلال الى سمو الامير فقد بلغت حوالي خمسة واربعين بيتا ً صيغت بأسلوب الشعر الجاهلي الذي تأثر به صاحبنا . وقد ضاعت نسختها الاصلية . ويحفظ لنا نجل الفقيد منها مايلي :
من دار مية رسم دارس مودِ أقوى وغيره غول بتتـأبيدِ
خف القطين وكانت لا يزال بها خفض من العيش صاف غير منكودِ
الى ان يقول متحدثاً عن مطيته :
حنّت الى مرتع الدهنا فقلت لها إمي " سعودَ " فهذا خير مقصود
" عبدالعزيز " الذي أحيت خلافته أرض الجزيرة من حَزن ومن بيد
وفي تلك الفترة قام الأمير سعود بزيارة عمان بدعوة من سمو الأمير عبدالله أمير شرقي الأردن فاستقبل هناك بحفاوة كبرى .
- قال أمين سعيد في ص 292 من كتابه " تاريخ الدولة السعودية " – المجلد 2 دار الكتاب العربي – مطبعة كرم – بيروت :
" زار الامير سعود ولي عهد المملكة , عمان في اغسطس 1935م . تأكيداً للصداقة الجديدة بين البلدين, فرحب به الأمير عبدالله , وبالغ في إكرامه , واحتفلت به الأردن .
المندوب السامي لفلسطين آرثر واكهوب
في عام 1933م علم اهالي البلدة بأن المندوب السامي السر آرثر واكهوب سيمر بمحطة سكة حديد قلقيلية بواسطة القطار فاغتنم صاحبنا الفرصة , ووجدها سانحة لعرض قضية عرب فلسطين على المندوب . فذهب مع المجلس المحلي ورئيسه الحاج نمر السبع ووجوه البلدة وشبابها من مختلف الحمائل الى المحطة . ولما وصل القطار وتوقف صعد صاحبنا الى عربة القطارحيث الصالة التي يجلس فيها المندوب السامي والقى كلمة بالعربية على مرأى ومسمع من الناس, حول القضية الفلسطينية ووجوب الاهتمام من قبل الحكومة البريطانية , وانصاف عرب فلسطين في تحرير وطنهم واقامة دولة فلسطينية مستقلة , والمترجم يترجم الى الانكليزية هذه الكلمات التي كانت واضحة صريحة وجريئة , فطلب منه المندوب ان يوافيه بمذكرة تفصيلية عن القضية الفلسطينية . فكتب صاحبنا مذكرة ضافية عن قضية بلاده , وعن مطالب امته العادلة , وما حاق بعرب فلسطين من الظلم والاجحاف نتيجة للسياسة البريطانية وبعث بها إليه بالبريد المسجل .
ثقافة الفقيد :
ذكرنا سابقا ان الفقيد " حسين هلال " تلقى في مسجد قلقيلية علومه الاولية , كاللغة العربية والقرآن الكريم , والفقة الاسلامي والسيرة النبوية الشريفة ثم التحق في مطلع شبابه بالعسكرية العثمانية لمحاربة القوات البريطانية المهاجمة لاحتلال الديار الفلسطينية المقدسة خلال أواخر الحرب العالمية الأولى , وانه بعد انتهاء الحرب وتشكيل ادارة عسكرية انكليزية ثم مدنية لتصريف شئون السكان , عينت هذه السلطات الشيخ محمد القلقيلي رئيساً للمجلس المحلي في قلقيلية . ثم طلبت الحمائل الاربع انهاء رئاسته , واتفقت بالاجماع على تعيين السيد حسين هلال رئيساً للمجلس المحلي على أن تكون الرئاسة دورية بين الحمائل الأربعة
ونضيف الان ان صاحبنا قد اتجه نحو مطالعة الصحف والمجلات العربية في فلسطين والاردن , وسوريا ولبنان ومصر , وكانت الصحف اليافية تصل الى قلقيلية للبيع , وكان يشتري الصحف من مدينة ياقا . أما جريدة " أم القرى " السعودية فكانت تأتيه من مكة بالبريد باسم جمعية الشبان المسلمين . فكان يقرأ مافي الصحف والمجلات من مقالات أدبية ودينية وتاريخية وسياسية واجتماعية وغيرها . وكانت تنشر له الصحف " كالصراط المستقيم " و " الدفاع " في يافا بعض المقالات التي تلائم الاحوال الماضية في حينها , وكذلك بعض الصحف المصرية . وكان لدى نجل الفقيد عدد ضخم من تلك الصحف والمجلات منذ عام 1929م – 1948م ولكنها تلفت وضاعت مع الاسف الشديد . ومن الكتب التي كان يقرؤها :
- مؤلف فيلسوف الفريكة أمين الريحاني .
- تاريخ نجد الحديث . وملوك العرب . ومجلد ضخم يحتوي على : فيصل الاول – الريحانيات – والبروق النجدية لعالم نجدي وقد أهداه والدي لصديقه الشيخ محمد العورتاني مما يشير الى اهتمامهما بالدعوة الوهابية .
- جزيرة العرب في القرن العشرين لحافظ وهبة سفير السعودية في انكلترا .
- وكتاب قلب جزيرة العرب لفؤاد حمزة وكيل خارجية السعودية أنذاك .
ومن الكتب التي اطلع عليها وقرأها كتب تبحث في العقائد والفقه والتشريع الاسلامي والحديث والسيرة والتفسير . كما كان محبّأ للشعر الجاهلي , فقرأ المعلقات العشر ودواوين مختلفة لشعراء الجاهلية . وقد تأثر بهم وبشعرهم .
وقرأ للمؤرخ الكبير عارف العارف قائم مقام بئر السبع الاسبق كتابين هما " بئر السبع وقبائلها ؛ وكتاب القضاة بين البدو " . وقد حدثنا نجل الفقيد ان الكتاب الثاني اشتراه والده من احدى مكتبات القدس حين حضوره حفلة افتتاح المعرض العربي القومي الذي افتتح في القدس الشريف في تموز عام 1933م , وانه كان مع والده حينذاك . فكانت هذه الكتب وغيرها غذاء صالحاً ممتعاً لعقله وتركت آثاراً بالغة في نفسه وفكره .
حسين هلال أديباً :
لم نظفر من نثره إلا بما ندر . فكتابته التي نشأت على الفطرة هي تعبير صادق عما يكنه في دخيلة نفسه من مشاعر صادقة وآراء شتى كان يعبر عنها في مجالسه ورسائله ومقالاته . وهي ترجمة واضحة صريحة عما يجيش في صدره , ويجول في خاطره من رأي جميل وهدف نبيل . وان نظرة الى تلك الرسالة التي بعث بها لرئيس لجنة المحامين الاستاذ المحامي مغنم مغنم يستحثه عاتبا بأن يهب للدفاع عن المعتقلين الامنيين من بلده ومن القرى التي تستند عليها , وذلك في الثورة الكبرى عام 1936م حينما كان سكرتيراًُ للجنة القومية في قلقيلية – وان نظرة الى تلك الرسالة لتبين لما شيئاً فريداً عن شخصيته الرفيعة المطبوعة على الأنفة والتواضع في قالب فطري جميل , خالٍ من التأنق والصنعة .
قلنا أَنفاً أن حسين هلال سكرتير اللجنة القومية في قلقيلية كان يتبادل الرسائل مع ذوي الشأن من الهيئات والشخصيات الوطنية العامة في البلاد . ونثبت في هذا المجال هنا صورة كتاب قد بعث به الى المحامي القدير , والوطني الخطير مغنم مغنم في القدس الذي كان المسؤول الاول في لجنة المحامين للدفاع عن المعتقلين السياسيين والأمنيين " لاحظ الصورة فقد تأكل جزء منه " يقول فيه :
حضرة الاستاذ المحترم المحامي القدير مغنم مغنم المحترم .
سيدي :
قبل طرق الموضوع أقرر أن لا مناص من الرجوع اليكم في شخص هذا العاجز يستحثكم على الاهتمام بشأنها في كثير من المهمات السياسية التي أسندت الى الكثيرين من ابنائها الذين هم الآن قيد السجون على حساب التحقيق .
نعم ان الملامة تقع عليها , كونها لم تبادر لإعلامكم بما يلزمها , لكن الدالّة الوطنية التي لها عليكم تجعلها مستنجدة بكم على هذه الصورة القاسية الشبيهة بالتقريع الشديد الوطأة الذي لا تستأهله همتكم الماضية , وعزيمتكم الباسلة .
أنني ارفع لحضرتكم كشفاً باسماء الموقوفين على ذمة التحقيق من أهل قلقيلية في جميع شئونها . وأملي في شهامتكم الوطنية , ونخوتكم القحطانية ان تتخذوا كل تدبير حازم لتهيئة من يدافع عنهم , وان تقوموا بذلك مباشرة أو بالواسطة . ولا يجب علينا أن نشكركم على مسألة ألقيتم واجباتها على عاتقكم كما هو مشهور عنكم . وهذا كاف لشهم مثلكم . لكم باحترام . سيدي 24/8/1936م
حسين هلال
سكرتير اللجنة القومية في قلقيلية
من شعره
كان حسين أديباً , وشاعؤاً جاهلي الاسلوب , ولم نعثر من شعره الا على قصائد ثلاث , اثنتان منها في الغزل الصريح كأسلوب شعراء الجاهلية القدامي . أما الثالثة فهي قصيدة وطنية حماسية صاغها , والقاها بنفسه في احدى مظاهرات قلقيلية الوطنية الحاسدة عام 1936م أثناء ثورة فلسطين الكبرى ضد الاحتلال الانجليزي .
ولنبدأ أولاً بغزليته الاولى التي نظمها عام 1934م : نقلاً عن النص الاصلي المكتوب بخط جيد والمرفقة صورته بالبحث :
قفي قبل التفرق ودعيني ومن تقبيل ثغرك زوديني
قفي كي ما امتع منك طرفي واشفي صبوة القلب الحزين
قفي نقضي اللبانة من وصال يداوي غلتي وجوى حنيني
فوصلك منيتي وشغاف قلبي وهجرك مبعث الداء الدفين
كتمت هواك في الاحشاء مني فباح بسره فيض الشئون
وضجت مهجتي من فرط وجدي وضج الصدر من فرط الشجون
فما وجدت كوجدي ذات حزن أصاب وحيدها سهم المنون
بسطت اليك مني كف وصل رجاء الوصل علك تسعفيني
فان لم تفعلي ومنعت وصلي فخير وسيلة ان تقتليني
فقالت : والفراق دنا وشيكاً وقد هاجت بعبرتها عيوني
فديتك استميحك صدق عذري فاني عنك تدعوني شئوني
فأولت مبسمي خداً وثغراً بخمر رضابه كي تستبيني
وتدني عطفها مني وترنو بلحظٍ من جوازي الرمل عين
قطيع الصوت فاتنة المحيّا غضيض الطرف فاترة الجفون
من البيض الكواعب ذات حسن يضيع رشاد ذي الحلم الرصين
سقطت أيام وصلك غادياتٌ تجود بسيب صافية المزون
وتذكيها الصبا بأريج ندّ وتضربها شذا ريا الحزون
وهذه أبيات مقتطفة من غزليته الثانية التي نظمها 1934م :
سما بك شوق للحبيب يبرّح فدمعك من عينيك هتان يسفح
وهاجت لك الذكرى أفانين صبوة لهيب سناها في فؤادك يلفح
تفيق عمايات القلوب عن الصبى وقلبك في موج الصباية يسبح
ويمحو التنائي لوعة الحب والهوى وحبك مابين الجناحين يطفح
ولي مبهجة لولا الاماني تريحها لا نضجها حرّ الغرام المبرح
الى أن يقول :
يهيج رسيس الحب مني اذ ا شدت على سمرات الايك ورقاء صيدح
......................
اذا سنحت ذكرى " ... " في الحشا يكاد جواها في شوى الصدر يذبح
فلا هي بالهجر الصريح تريحني ولا هي بالود الصحيح تصرّح
بعيدة مهوى القرط أدماء حرة إلى مثلها الانظار ترنو وتطمح
لها جسد صاف نقي أديمه كأن به آل الضحى يتوضح
من الغيد بضات المعاصم خُرّدٍ يكاد نضار الحسن منهن يرشح
أسيلة مجرى المقلتين وماجرى عليه الوشاح الجائل المتطوح
نبيلة أطراف الجفون كأنما حباها بها الظبي الفريد الموشح
عقيلة أتراب كأن حديثها سقاط الندى يمريه شهد منقح
.... إلى أن يقول :
أتتني على استحياء تمشي كأنها مهاة بحزوى تشرئب وتسرح
سقتني صرفا من عذوب منسق كان الخزامى في ثناياه تنفح
.... الى أن يقول :
فلا عيب فيها غير ان مزارها عزيز, وليست في عرا الود تنصح
وقد اطلع على القصيدتين الاديب الكبير والاستاذ الشاعر سيف الدين الكيلاني , حينما كان مديراً لمدرسة قلقيلية الاميرية 1944/1945 : فاعجب بهما أي اعجاب .
كما اطلع على القصيدة الوطنية التي صاغ قوافيها صاحبنا ايضاً فاظهر تقديره البالغ لشعر حسين هلال , وتمنى ان لو عرفه واجتمع اليه .
من شعره الوطني
أما شعر " حسين هلال " في الوطنيات فلم نعثر له الا على القصيدة التالية . وقد القاها في مظاهرة كبيرة جرت في قلقيلية في ثورة عام 1936م احتجاجا على السياسة الاستعمارية , حينما كان سكرتيراً للجنة القومية , وقد اشترك في المظاهرة رئيس وأعضاء المجلس المحليّ والمخاتير والوجهاء والشباب وطلبة المدارس . وهاكم النص منقولاً عن الأصل وصورته :
عذراء عدنان جري الذيل في شمم على ذرأ المجد أو طور من الكرم
قومي انفضي عنك ثوب الذل شامخة تيها على الدهر والتريخ والامم
قومي اصرخي في شعوب الضاد رافعة صوتا ينبه فيها دارس الرمم
قومي اشحذي في بني عدنان يقظتهم واحيي بهم خامل العزات والهمم
قومي اذكري عهد ملك كان يجمعنا سامي العماد وشمل غير منقسم
قومي اذكري فترة " الفاروق " هاتفه واستقبلي عدوة اليرموك من امم
إنا حماتك ياسلمى فلا تهني وان أهلك أهل البند والعلم
وان قومك أهل المجد ان رفعت رايااتهم زلزلوا الأكوان في عظم
إن الألى قارعونا في الطعان رأوا منّا قراعاً يفل الدرع بالخدم
وجربوا الحرب , ان الحرب عادتنا أما ( ... ) فأهل البيع وسلم
إن يكذبونا فهذي ( ... ) نطقت لنا عليهم بحكم صادق ا لكلم
مازال منا القنا ينتاش جمعهمو والسيف يعمل في الهامات واللمم
حتى تركناه اشلاء ممزقة تعشو بها ضاريات الوحش والرخم
واصبحوا لا يرى الا مساكنهم إذ صبحتهم عوادي الموت والنقم
فتلك عقبى الألى أوحى الاله لهم صناعة الذل والتدليس في الامم
****
يا أيها المعلم السامي فان له عميق حب من الاحشاء محتكم
اخفق عزيزاً فان العرب مافتئت تفديك بالنفس والارواح من عدم
متى نراك تضم العرب في ملأ ً يوما وتنقذهم من زلة القدم
متى نراك على اليرموك مرتفعاً على طليعة زحف الجحفل العرم
متى نراك على الأردن مرتكزاً تضم شملاً شتيتا غير ملتئم
ويقول مؤرخنا الكبير أكرم زعيتر في ص 144 – 145 من يومياته : 27/7/1936م :
" كان لاعتقال نبيه بك العظمة الزعيم السوري المشهور وقدومه الى معتقلنا معنى بليغ جداً . وقد رحبنا بشيخ الاستقلاليين . وأقمنا له مهرجانا . وكان سامي بك السرّاج , وهو من أقطاب سوريا ( من مدينة خم:
وكان السراج محررا في جريدة " الدفاع اليافية " وقد حيّاه ورحب به المرحوم حسين هلال بقصيدة يقول فيها :
تعددت الجرائد في بلادي وخير الصٍّحف ماكان " الدفاع"
يحررها سراة القوم منهم أخي " الّسّراج " مِقدام شجاعُ
أخو أنف وفكر مستنير أرى " سامي " له ذكر وباعُ
فما لانت قناة الشوس دوما على الفلوات طبعهم القراعُ
حسين هلال مؤرخاً
حدثني نجل الفقيد أن والده حسين هلال بدأ في أوائل الثلاثينات من القرن الحالي بتأليف كتاب تاريخي يتضمن تاريخ قلقيلية وعرب أبي كشك والجرامنة وقد سماه ( تاريخ قلقيلية وعرب أبي كشك والجرامنة ) وقد ملأ دفترا غزير الصفحات من دفاتره المدرسية الجيدة , غير أنه لم يتمه . وقد ضاع مع الوثائق الأخرى . ولو أن الراحل الأديب قد أُتم كتابة تاريخ هذه المناطق كما أراد لجاء الكتاب طافحاً بالكثير الكثير من المعلومات الجليلة النافعة : من تاريخية وسياسية واجتماعية واقتصادية , ولألقى الضوء على حقائق وأنباء وعلاقات بين هذه الجهات وغيرها . ولكن الالم يحز في النفس , ويدمي الفؤاد حين لا نجد له أثراً . فقد اختفى مع غيره أو تلف مع الوثائق الهامة . وقد جمع الراحل مؤلفه هذا من خبرته الواسعة التي اكتسبها من معاشرته لرجال وشيوخ هذه الأماكن والبقاع .
شيخ عشائري كبير :
كان صاحبنا حسين هلال محبا لمخالطة العربان لاسيما الذين كانوا يقدمون مع جمالهم وخيولهم وأغنامهم من نواحي بئر السبع في النقب الى أراضي أبي كشك على ضفاف نهر العوجاء الذي كان ينبع من راس العين شرقاً ويتجه غرباًِ ليصب مياهه الغزيرة العذبة في البحر الابيض المتوسط شمال مدينة يافا .
وكان هؤلاء ايضا ينتشرون في اراضي قرية بيار عدس حيث أراضي الفقيد وآله واقاربه من عشيرته . وكلها اراض زراعية خصيبة كثيرة الخيرات والبركات وافرة الغلال والثمار والمحاصيل الزراعية المتنوعة . أما سبب مجيء اولئك البدو او العربان فهو طلبهم للماء والمراعي والحبوب والثمار فيأكلون حلالاً طيباً , ويربعون دوابهم ومواشيهم في مرابع تلك البقاع اليانعة , فكان صاحبنا يزورهم في مضاربهم ويسألهم عن اسماء عشائرهم وقبائلهم , وعن اصولهم وانسابهم واحسابهم وعن عاداتهم الاجتماعية ومشاكلهم , ويناقشهم فيها فتزود بالكثير من هذه المعلومات القيمة , والنوادر الطريفة اللطيفة المحببة اليه . فيسر بلقاءاتهم ومقابلاتهم أبلغ سرور وتأخذه البهجة والارتياح . وكان يحب قهوتهم البدوية الطيبة المذاق , فيرتشف مايروق له منها بالفنجان المخصص لها . ولسان حاله يقول كما قال الأعشى في معلقته الجاهلية :
نازعتهم قُضبَ الريحان متكئاً وقهوة مزّة راووقها خضلُ
ولما كانت تربط حسين هلال بعرب أبي كشك علاقات تاريخية قديمة تمتد جذورها الى منتصف القرن الماضي , فقد كان ماحافظاً على تلك العلاقات كما كان يحب زيارتهم , ويجتمع اليهم وفي طليعتهم شيخ عشائر عربان العوجا الشيخ شاكر أبي كشك وكان محبوباً ومحترماً من لدن الجميع . وكانوا في الديوان هناك أو خارجه في الليالي المقمرة يتبادلون اطراف الحديث عن الماضي والحاضر , ومن حكم العربان وعاداتهم وقصص من لطائفهم وظرفهم فيستمتع الجميع من هذه النوادر والملح , وقصص من الحوادث التاريخية المتعلقة بهم في القديم والحديث .
وكان صاحبنا " حسين هلال " محباً لتربية الخيول العربية الأصيلة شأنه في ذلك شأن أبناء عمومته أبا عن جدّ . وكان يحب سباق الخيل ويسابق أنداده في الأعراس والأفراح في مباريات وألعاب ودية , ويحضر مباريات الخيول في ميدان السباق ومنها : سباق الخيل في صرفند شرقي مدينة يافا , وغربي مدينة الرملة .
اشتراكه في ثورة الشيخ شاكر أبي كشك :
ومن جهاده الوطني اشتراكه مع عدد من رجال عشيرته وعشائر بلده في ثورة الشيخ شاكر أبي كشك عربان العوجاء عام 1921م ضد المطامع الاستعمارية في هذه البلاد .
وقد أشارت بعض المصادر الفلسطينية الى قيام الشيخ شاكر أبي كشك بهذه الثورة التي قادها بنفسه وهو شاب صغير السن . واشترك فيها رجال من قلقيلية وطولكرم وقاقون ووادي الحوارث وكفر سابا وعرب أبي كشك وبيار عدس " لاحظ ص 73- 74 من كتاب عيسى السفري : فلسطين العربية " – وكتاب " القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين" 1917- 1948 – بيان نويهض الحوت – طبعة 3 / بيروت 1986م حيث تجد تفصيلاً عن الشيخ شاكر المذكور وجهاده الوطني الكبير " .
في المجتمع القروي :
أما علاقاته بالمجتمع القروي فكانت ممتازة وعلى خير مايرام . حيث كان حسين هلال يعرف كثيراً عن رجال القرى القريبة والبعيدة . وكانت تربطه بهم , وبعائلاتهم وحمائلهم شيوخاً وشباناً روابط ود وصداقة . وكانوا يتخذونه مرجعاً موثوقاً في حل مشاكلهم وقضاياهم , فيصلح بينهم بالمحبة والتفاهم والعدل , وكان حكمه فصلاً ومحترماً .
ولا غرابة في ذلك فقد وهبه الله ذكاءً خارقاً , ولساناً ناطقاً , وفطنة مضيئة . وكان ذا علم واسع بالقوانين والأنظمة , والعادات والتقاليد العشائرية المختلفة . فكان شخصية فاضلة كريمة محبوبة لدى الجميع . وانطبق عليه القول بأنه شيخ عشائري كبير .
وأما في المجتمع الحضري فقد كانت له معارف وصلات من الصداقة والاحترام لدى كثير من الشخصيات الفاضلة الكريمة في مختلف المدن .
حادثة اسشهاد :
على أثر اشتداد الثورة الفلسطينية في أنحاء مختلفة من البلاد , فرضصت السلطات البريطانية نظام منع التجول الليلي على بلدة قلقيلية في مطلع عام 1939م , وبدأت الدوريات العسكرية تجوب شوارع البلدة وأزقتها لتطبيق فرض النظام فيها , وذلك بحثاً عن جماعات من الثوار كانوا يحرسون خلال أحياء البلدة , لأمور تهمهم . في أثناء تلك الفترة الرهيبة داهمت وحدة عسكرية بريطانية راجلة منزل الحاج حسين الغشاش أحد رجال عشيرته زيد البواسل , واقتحمت البيت , واطلقت النار عليه , فخر شهيداً يتضرج بدمائه الزكية العطرة, فاعتبرت عشيرته هذا العمل الفظيع انتقاما منه بسبب المواقف الوطنية الشريفة التي وقفها في سبيل أمته ووطنه . وكان لاستشهاده هذا صدى عميقاً بالغ الأثر لدى عشيرته ومعاصريه من كرام القوم في ذلك الزمان . رحمه الله .
نهاية الثورة ووفاة الفقيد :
تفاقمت الأحوال في فلسطين خلال النصف الأول من عام 1939م وازدادت السلطة البريطانية بقوتها العسكرية الجرارة الضخمة ضغطاً وبطشاً وتنكيلاً بالشعب العربي الفلسطيني , وتمادت في ملاحقة الثائرين ونصرائهم بكل ضراوة وفظاعة وقسوة , ولكن المقاومة الفلسطينية الباسلة ظلت تواجه هذا الطغيان باسلحتها القديمة الخفيفة الى ان انتهى مالديها من سلاح وذخيرة , فخرج من البلاد من خرج , وبقي آخرون تحت ملاحقة رجال الامن في كل مكان .
وأما صاحبنا حسين هلال فقد اشتد به مرض القلب الذي كان يعاني منه فتوفي بسكتة قلبية في 12/5/1939م , وعاد الى غمده ليوارى تحت ثرى وطنه الطهور مضخماً بغبار الجهاد الوطني الشريف , في احتفال شعبي كبير اشتركت فيه عشيرته وكرام عشائر بلده , ووفود غفيرة من القوى والعشائر والبلدان من مختلف الانحاء . وكان عمره أربعة وأربعين عاماً قضاها في جلائل الاعمال , مساهماً بكل مابوسعه في سبيل خدمة أمته , ورفع راية وطنه العزيز المفدى .
صدى وفاته
لقد أحدثت وفاته هزة عنيفة وعميقة في الاوساط الشعبية الشريفة , وبكاء المخلصون دماً ودمعاً , ثم تقاطرت وفود التعزية بالفقيد الكبير من مختلف المناطق والجهات . ونشرت جريدة " الجهاد " النبأ في صفحة أنبائها المحلية بخط بارز : " تشييع جثمان الشيخ حسين هلال " . و " الجهاد " هذه أصدرتها جريدة " الدفاع " اليافية التي عطلتها الرقابة العسكرية في قلم المطبوعات . كما ونشرت الجريدة تباعاً الكتب وبرقيات التعزية التي وردت الى آل الفقيد وعشيرته . وبقي منها كتاب من الوجيه محمد امين صلاح حين كان في القطر اللبناني .
واننا للذكرى والتاريخ والادب نثبت فيما يلي نص رسالة التعزية التي بعثها الوجيه محمد أمين لآل الفقيد حسين هلال وعشيرته زيد نقلاً عن النسخة الاصلية المرفقة صورتها في آخر البحث .
لحضرة الأخ الفاضل سعيد هلال وآل زيد الكرام
وصلت لطرابلس الشام , راجعا من صوفر , وتناولت جريدة الجهاد لتصفحها والاطلاع على اخبارها , فما كان عظيم دهشتي , وكبير تبلبل أفكاري , حينما وقعت عيناي على الخبر المريع الذي ينعى به فقيدنا العظيم . فكان وقعه على نفسي وقع الصاعقة فقد استولت الاحزان على فكري , واخذ عظيم الثأر مني مأخذه لهذه المصيبة الفادحة المفاجئة , فاضطربت اضطراباً . وكان حزني شديداً , حتى وأصبح الوعي مني مفقوداً . ومما زادني ألماً وأثراً هذا الظرف المقيت الذي قدر على البعد , فارسلت برقيتي لتخفف من زائد حرقتي . ولكن أنّى لي ذلك وليس أجد لنفسي ببعدي هذا من مشاهدتكم مايخفف عني وطأة ألمي . وأنّى لي ان نتشاطر الاحزان , ونتواسى بعظيم المصائب .
فواحسرتاه لفقيدنا من بين ظهرانينا هذا النجم اللامع التي تتمثل فيه كل المزايا الحسنة , ويحمل له القلب بين جوانحه كل محبة وحنّو . فكان مثلاً للوفاء , وعاملاً من عوامل الاخلاص الشريف , وشخصية فذة تعمل في سبيل ما من شأنه النفع والخير . وان لساني ليقف حيران امام هذا الخطب العظيم .
قلمي لا يبدي حراكاً من وقع هذا الرزء الكبير , فان ندبت الفقيد العزيز فلا أفيه حقه , وإن رثيته فلا أحسن الرثاء , فحسبي الله على هذا الخطب الداهم .
" وانا لله وإنا إليه راجعون " . فعزاء مني اليكم , ولجميع افراد حامولتكم الكريمة والهمنا واياكم الصبر . وللفقيد العزيز الراحل اطلب من الله أن ينزله جنات الفردوس , وأن يجعل من خلفه خير عوض
المكلوم
محمد امين صلاح
وفي أواخر أيار 1939م نشرت جريدة " الجهاد " المذكورة آنفاً , وهي التي كانت تصدر عن ادارة جريدة " الدفاع " اليافية نبذة عن حياة الفقيد تعلوها صورته بالزي الافرنجي , وقد انتزعت من جواز سفره الفلسطيني , وكان هذا الزي يلبسه احيانا في بعض المناسبات , او يلبسه للاختفاء من رجال المباحث الحكوميين هو وغيره من رجال الثورة او المناصرين . والنبذة هذه هي لمحة تاريخية خاطفة . وهذا نصها نقلاً عن دفتر قديم لنجل الفقيد محظوظ لديّ :
" فقيد آل هلا وآل زيد "
" ولد الفقيد حسين هلال عام 1895م . وهو من عائلة هلال . والده المغفور له أحمد هلال شيخ عشيرة زيد والمستنطق في طولكرم في العهد العثماني .
تعلم المرحوم حسين في مدرسة قلقيلية ( وهي كتّاب المسجد ) : ثم أكمل ثقافته على نفسه , فكان نسيج وحده . وكان عصامياً .
وهو شاعر جاهلي الأسلوب , ومنشئ فذّ , نشرت له قصائد ومقالات عديدة في مناسبات شتى .
تولى رئاسة المجلس المحلي عام 1922م . واستمر فيه سنتين كان خلالهما مثال النزاهة والاصلاح والنشاط .
والفقيد من شيوخ القرى البارزين , واحد سفرائها في اصلاح ذات البين , وحسن المشاكل القروية . وهو مرجع القرى في الفتاوى القانونية , وعلى عدم دراسته في مدرسة فقد كان الفقيد به ضليعاً كأحد حملته . وللفقيد صلة وثيقة بالبيت السعودي الملكي الكريم وله مع صاحب الجلالة الملك عبدالعزيز آل السعود
وأصحاب السمو الامراء مراسلات عدة
وكانت تربطه بأقطاب مصر خير الصلات , كدولة اسماعيل صدقي باشا حين اعتلائه رئاسة الوزارة .
والفقيد رحمه الله وطني في الرعيل الاول : له مواقف نبيلة في الحركة الوطنية بفلسطين , وكان مواقفة
تشتد كلما اشتدت حركاتها , وزاذت وثباتها .
وللفقيد مواقف صلبة يذكرها أهل القضاة . مع المندوب السامي لفلسطين السر آرثر واكهوب , إثر مذكرة ارسلها اليه محتجاً على تدفق الهجرة اليهودية وسوء نية بريطانيا نحو العرب . كما له صلة وثيقة مع زعيم فلسطين الاكبر سماحة الحاج محمد امين الحسيني , وله معه جمّ المراسلات ايام توليته سكرتيرية اللجنة القومية في قلقيلية في ثورة فلسطين الكبرى 1936م ومابعدها .
والفقيد خسارة عظمى من الناحية القروية كمصلح وعامل ورئيس عشيره , وخسارة فادحة من الناحية الوطنية كزعيم ومخلص أمين " .
- انتهى مانشرته الصحيفة اليافية -
خزانة فلسطين الجغرافية
|
خزانة فلسطين الجغرافية
|
موسوعة الأعلام
|
خزانة فلسطين الجغرافية
|
موسوعة الأعلام
|
موسوعة الأعلام
|
خزانة فلسطين الجغرافية
|
موسوعة الأعلام
|
خزانة فلسطين التاريخية
|
بنك معلومات بيت المقدس
|
بنك معلومات بيت المقدس
|
خزانة فلسطين التاريخية
|
خزانة فلسطين الجغرافية
|
خزانة فلسطين الجغرافية
|
خزانة فلسطين الجغرافية
|